العِلمويَّة، مذهب ينسب لفظه إلى العلم. وهو يسعى إلى صبغ كل شيء بلغة المختبرات والمراصد والمجاهر، وقد رفع في أدبيات تيار الإلحاد الجديد فوق حقائق العقل ومقولات الدين؛ فلا صوت ينازعه البيان، ولا يد تنازعه الصولجان. والعِلمويَّة بذلك أكبر من أن تكون إعلانًا لشرف المعرفة العلمية؛ إذ هي -في الحقيقة - إعلان لإمبريالية التجربة؛ فهي تدعو إلى أن يحتكر العلم ميزان الحكم بعد رسم معالم الوجود بقلم لا يعرف غير أبعاد الطول والعرض والعمق، وقياس الحركة... ولأجل فهم واع للعِلمويَّة ؛ يقوم هذا الكتاب بدراسة هذا المصطلح، لغةً واصطلاحا، والحفر في تاريخه الفلسفي، وتفكيكه، بيانا لأنه لا يرادف العلم الطبيعي دلالة، ولا يدل على التنوير التزاما؛ وإنما هو رؤية خاصة للإنسان وقيمه، وللواقع وطبيعته، وللآفاق وامتدادها؛ مسلطًا الضوء على جانب التوظيف الأيديولوجي الذي يمارسه العِلمويّون للعلم الطبيعي ونجاحاته، وتسخير كل ذلك لخدمة الإلحاد؛ زعماً أن العلم قرين اللادينية أو الدهرية. والكتاب -بذلك- بحث رائد في بابه في المكتبة العربية؛ إذ يبحث في العِلمويَّة كعقيدة، ولا يختصر الجدل في بحث خصومة الكتب المقدسة مع بعض دعاوى الكشوف العلمية -كما هو البحث التقليدي في الشرق والغرب في شأن علاقة العلم بالدين